تعتبر الفيزياء من أحد أقدم التّخصصات الأكاديمية، فهي قد بدأت بالبزوغ منذالعصور الوسطىوتميزتكعلم حديثفيالقرن السابع عشر، وباعتبار أن أحد فروعها، وهوعلم الفلك، يعد من أعرق العلوم الكونية على الإطلاق. [3]
معظم الفيزيائيين اليوم يكونون متخصصين في مجالين متكاملين وهماالفيزياء النظريةأوالفيزياء التجريبية، وتهتم الأولى بصياغة النظريات باعتمادنماذج رياضية، فيما تهتم الثانية بإجراء الاختبارات على تلك النظريات، بالإضافة إلى اكتشاف ظواهر طبيعية جديدة. وبالرغم من الكم الهائل من الاكتشافات المهمّة التي حققتها الفيزياء في القرون الأربعة الماضية، إلا أن العديد من المسائل لا تزال بدون حلول إلى حد الآن،[4]كما أن هناك مجالات نظرية وتطبيقية تشهد نشاطًا وأبحاثًا مكثّفة.
ملاحظة: اعتبار أن " الفيزياءفرع منالرياضيات" عبارة خاطئة تمامًا، لأن النماذج الرياضية تستعمل في علمالفيزياءفقط لتسهيل فهم الظواهر الفيزيائية. وأن مضامين النماذج الرياضية في أي علم من العلوم الطبيعية لا يتدخل في شأنها علمالرياضياتفالمعادلة الفيزيائية الرياضية هي لغة الفيزياء.
تطورت الفيزياء كما نعرفها اليوم، من سلسلة الملاحظات التي جمعتها الحضارات القديمة حول مختلف الظواهر الطّبيعية وخاصة منها الفلكية، والمتعلقة بالتقويم وتقدير الزمن، كحركةالشّمسوأدوارالقمروتشكيلات النجوم. وقد توصلالفلاسفة الإغريقيونإلى استنباط نظريات أولية لتفسير تلك الظواهر، وذلك باتباع منهج منطقي واستدلالي بحت في ما يسمى بالفلسفة الطّبيعية. وقد قدمأرسطوفي كتابه "الفيزياء" (الطبيعيات) أول النظريات حول طبيعة الحركة والقوى. وقد ضلت هذه الأفكار، والتي تعرف بالفيزياء الأرسطوطاليسية، مهيمنة على التراث الفلسفي لعدة قرون.
الفيزياء في الحضارة العربية والإسلامية
كانللحضارة العربية-الإسلاميةدور رئيسي في بداية صياغة هذا علم الفيزياء (الذي كان يعرف عند العلماء المسلمينبالطبيعيات). فقد أنفذ ميراث الفلاسفة الإغريق من الضياع بترجمته إلى اللغة العربية ثم وقع إثرائه وتنقيحه وتصحيحه. فقد قدم العلماء المسلمون المحيطون بمعرفة الأولين من أمثالأرسطووبطليموس(وغيرهم) نظرياتهم الخاصة وابتكارات عديدة في مجال علم الفلك، والبصريات، والميكانيكا. فعلى سبيل المثال لا الحصر، يعتبرابن الهيثمرائد علمالبصرياتفي كتابهالمناظر. كما قدمالبتاني(858-929) تحسينات لحسابات بطليموس حول مدارات الشمس والقمر، ووضعابن باجة( 1095-1138) أولى قوانين الحركة ومفهومالسرعة.
ومع بداياتالقرن العشرين، ظهرت صياغات نظرية جديدة أمام عجز الميكانيكا الكلاسيكية في تفسير بعض جوانب الضوء وديناميكا الجسيمات الذرية. وتوصلألبرت أينشتاينإلى وضع نظريةالنسبية الخاصةالتي تصف الأجسام المتحركة بسرعة تقاربسرعة الضوءوتأثيرات ذلك على المفاهيم البديهية للمكان والزمن، وبعد ذلك لنظريةالنسبية العامة، التي تصف طبيعة قوةالجاذبيةوعلاقتها بهندسةالزمكان.